آخر التعليقات

I could look back at my life and get a good story out of it. It's a picture of somebody trying to figure things out.

23‏/09‏/2011

قصة خلدون









الآن وبعد أن شاهدنا حال خلدون وكيف أستطاع بفضل الله ثم بفضل ما يمتلكه من إرادة قوية الوصول لقمة النجاح ، فحان لنا أن نقرأ ما خطه قلبه إلينا :

"كنت أتصور أن هذا حلم أو إنني أشاهد فيلماً سينمائياً


و إنني سأستيقظ و أخرج إلى الشارع لأعود إلى بيتي و أهلي


ثم أختفى هذا الإحساس و صرت أحيا في واقعي ..


)(

قد تتعجبوا من الجملة فما معنى أحيا في واقعي ؟

معناه أن الواقع من حولي لا يوحي بحياة

و لا تلائم حدوده و ظروفه الصفة ..

و لتتفهموا أمري إقتربوا قليلاً لتشاهدوني لا لتروني

نعم أنا هو ذلك الجسد الكبير الذي يرقد بلا حركة على سرير

مثل أسرة المستشفيات ..

يتصل جسده بجهاز تنفس صناعي ..

لا يستطيع بدونه حياة ..

أنا لست في العناية المركزة ..

أنا في بيتي ..

و هذا الوضع ليس طارئ ألم بي

و سيزول في بضعة أيام كعادة المرض ..

هذا الوضع هو حياتي ..

هو هذا الحلم و المشهد السينمائي

الذي كنت أنتظر أن أخرج منه و لكني أصبحت أتعايشه

فهذا حالي منذ 10 سنوات .. يا الله .. 10 سنوات ..

دهراً أم لحظات .. أيام صعبة و ليالي عذاب طويلة

و اقتربوا مني أكثر لأعرفكم على شخصى ..

)(

إسمي خلدون ..

يقولون أن لكل شخص نصيب من اسمه

فهل كان نصيبي الخلود في وضع صعب على البشر ..

ظننت ذلك لفترة و لكني الآن

أحب أن أتصور أن نصيبي من اسمي

أن أكون مثل أبن خلدون

مؤسس لعلم حياة جديدة ..

مؤسس حياة طبيعية لشخص غير طبيعي

فتصبح سُنة يسير عليها من بعدي

و كلما تاهت خطاهم تذكروني فتشجعوا

و اعتدلوا على طريق النجاح .

)(

رزقني الله بأم هي أروع الأمهات على الأرض

فهي لم تطعم و تكسو لا بل ربت و علمت و شجعت و دربت

لا أعرف كيف أصفها ، إنها صنف متفرد

زمان حين كنت صغيراً يافعاً و اجري و ادب على الأرض

كانت تراقبني بعيون حانية محبة فتعلمني و تتابعني

و تهدهدني و تدللني

عاونتني لأتفوق في كل شيء , دراسياً و رياضياً

أمي علمتني أن الحياة نجاح ، و أن النجاح إرادة

و لقد صنعت معي إرادتي بالتمرين منذ طفولتي

و لم أخذلها بل كنت لها ما أرادت

إبنها الناجح المتفوق

حصلت على البكالوريا عام 1994

و كنت أستعد لدخول الجامعة بدرجات تؤهلني لدراسة الطب

ولكنني فضلت الهندسة التقنية و الحاسوب .

)(

شاب .. فتح أول أبواب عمره بالجهد و العمل و الالتزام

فكان من حقي أن استمتع ..

و في أحد أيام الصيف على شاطئ طراطوس

كنت استعد لانطلاقة بحرية بقارب صغير ..

علمتني أمي تحدي الصعاب لأن القمم العالية وحدها

تستحق محاولات الإعتلاء ..

و سبقني في عمري قدر الله .. كيف ارتطم رأسي بقاع صلب ..

كيف ضغط وزني بكامله على عظمة صغيرة فأنكسرت

لا أعرف كل ما أذكره ..

الناس من حولي تحملني

و أسمعهم يقولوا إلى المستشفى

و من مستشفى لأخرى ..

و أطباء من دمشق و من روسيا و جراحات و أجهزة

و .. و ... و لن أطيل ..

كانت أمي إلى جواري رحمها الله ..

لم تدع طريقاً و درباً إلا و سلكته

لتعاونني و تساعد على شفائي ..

و لم تألوا جهداً لأظل صامداً و استكمل دراستي

حتى انهار جسدها

و توفيت تاركة إياي في رعاية أبي و أختي

جزاهما الله عني كل خير ..

)(



استقر قدري على ما ترونه الآن ..

شلل رباعي كامل ..

لا يمكنني من استعمال ذراع و لا أصابع و لا أقدام ..

شلل في الحجاب الحاجز

لا يجعلني قادراً على التنفس وحدي

و من هنا أحيا باستمرار على هذه الرئة الصناعية ..

بإختصار أنا رأس حي في جسد ميت ..

أتجول في العالم بعيناي

و أتواصل مع من حولي بأذني .. و لساني ..

المفروض و الواقع يُحتم على من هو مثلي

أن ينتقل إلى يسار طريق الحياة قابعاً ينتظر الموت ..

في أحسن أحواله لن يحقد على السائرين في المعترك أمامه ..

بل سيبكي قضاء الله فيه و يمصمص شفتاه برضا يلزم نفسه به ..

و لكنني لست كذلك " نعم "

علمتني أمي أن النجاح إرادة و إرادتي لم يصبها الشلل ..

و رزقني الله أسرة و أصدقاء يعينوني على أمري

فتعلمت برمجة الحاسوب

و برامج الرسوم المتحركة المجسمة

)(

تسألوني كيف اتعامل مع هذا الجهاز المعقد و أنا بلا أصابع و يدين ؟

أنا اتعامل معه بلساني و شفتاي .. أليسا يتحركا ؟

صحيح إن الأمر لم يكن سهلا و أني مررت بمراحل كثيرة

أحاول و حاول أهلي و أصدقائي معي في كيفية تثبيت الفأرة

و التعامل معها و إعادة تصنيعها و اختراعها ..

أياماً طويلة و شهور ..

و حساسيات اصابت شفتاي من التعامل مع المادة

و أخرى أصابت عيني ..

و يزداد عدد الأدوية و المراهم ..

و لكني لم أفقد الأمل و لم أكف عن المحاولة ..

حتى استقر وضعي على سماعة الأذن مثبتة

في رأسي مثل اللجام تحيط بفارة الحاسوب ..

أتعامل معه بها .. و ليس هذا كل شيء فأنا أتقن ما أفعل

لقد تفوقت في البرمجة C++ ..

و التقط عملي صاحب أحد المشاريع العملاقة

الموجهة للأطفال و أختبرني و نجحت فاجتزت الاختبار

و أصبحت من معدي و مبرمجي أعماله .. أنا لست عاطلاً ..

أنا أعمل و ابحث عن الترقي فأنا لا أرضى بالنجاح بديلاً ..

)(

سامحوني ..

كل الناس تتعوذ من ذكر " الآنا "

و لكن لم يعد لي ما أذكره إلا ما أفعله

فأنا فخور بنجاحي

و أسمحوا لي بذلك فهذا هو كل رصيد حياتي

و أنا أريد أن ألقي ربي يوم الحساب شاكراً لنعمته راضياً

بما منح و ما أخذ و ما أعطى

و أقول له يا ربي أعطيتني لساناً ذاكراً و قلباً شاكراً

و بدناً على البلاء صابراً

و هذا انجازي المتواضع بما أنعمت على به ..

نعم .. اريد لانجازي أن يكون رائعاً

حتى استحق رضا الله عني و فضله علي ..

اعتقد إني اقتربت من تحقيق هدفي ، و أنتظركم جميعاً

من سبقني و من سيلحق بي على قمم جبل النجاح .

)(

بقلم / د . نعمت عوض الله .

)(

قصة خلدون

عبرة كادت أن تخنقني

أين نحن منك يا خلدون ؟!

و أين نحن من هذه العزيمة التي تهز الجبال ؟!



0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets