آخر التعليقات

I could look back at my life and get a good story out of it. It's a picture of somebody trying to figure things out.

23‏/09‏/2011

معاقون مبدعون (1)



لقد وجد في التاريخ القديم والحديث أناس أثبتوا للبشرية جمعاء بأن الإصابة بعاهة أو أكثر ليست نهاية العالم، وأن الإرادة القوية مدعومة بالموهبة قد تجعل من صاحب عاهة بطل إنتاج يسبق الأصحاء بأشواط كثيرة

ومن العاهات التي قد تصيب الإنسان نقص السمع بدرجاته المختلفة، مما يعزل المصاب عن الأصوات الخارجية، وإذا حصلت هذه الإصابة باكراً فتكون مسؤولة عن تأخر في النطق ويغدو الأصم أبكما.
ومع ذلك لم يستطع الصمم أن يثني بعض ضحاياه من المضي قدماً في تيار الحياة الهائج، وكي يثبت هؤلاء المعاقون بأن الإنسان مجموعة رائعة من القدرات إن توقفت إحداها عن العمل لسبب ما عاوضت أخرى بوجود محرك الإيمان والإرادة والتصميم.
وكل منا يصادف أثناء ممارسته اليومية أعداداً كبيرة من الصم الذين ابتعدوا عن نشاطات الحياة المختلفة بسبب عجزهم واختاروا البقاء في الظل خوفاً وطمعاً، وساعدهم على ذلك فقر الظروف والإمكانيات العامة المقدمة لهم، فتعاضد ضعف الإرادة مع قلة إمكانيات التأهيل والتدريب فكانت النتيجة هرباً من العمل النافع والحياة الاجتماعية.
وكم يأخذنا العجب من أصم يطرق بابنا وقد أتقن القراءة والكتابة، والتهم من شتى أنواع الثقافات والعلوم الشيء الكثير، ومارس هوايات رياضية وفنية عديدة، وأنهى دراسة جامعية أو أتقن حرفة يدوية، وهو سعيد بما أنجز، فخور بما وصل إليه.
إن تصفح كتب التاريخ يبرز لنا شخصيات كانت تعاني من الصمم، ولم يكن ذلك الأمر عائقاً لها من أن تترك بصمة واضحة في تطور الإنسانية جمعاء.
وقد قام أحد الكتاب ـ جزاه الله خيراً ـ وهو السيد زهير جمجوم بإصدار كتاب عن أشهر المعوقين في العالم استعرض فيه حياة خمسين شخصاً من مشاهير المعوقين إعاقات مختلفة سواء أكانت جسمية أم حسية أم عقلية


.ترددت على مسامعي عبارة تقول: إن الطفل إذا ما ولد وهو فاقد لثلاث حواس من حواسه, فلن تكتب له الحياة ومصيره الموت.
لكن أن يرسل الموت طفلة إلى الحياة لتكون عبرة للناس فهنا تكمن المعجزة.


هيلين كيلر :
ولدت : 1880 م
ماتت: 1968م وعمرها 87سنة.

ولدت هيلين كيلر سليمة في ولاية ألاباما
 في الولايات المتحدة الأميريكية ، والدها اسمه
 آثر كيلر ووالدتها اسمها كايت آدمز كيلير ،
 ظلت هيلين طبيعية إلى أن بلغت من العمر 19 شهر ،
 حيث أصيبت بمرض (التهاب السحايا والحمى القرمزية)
والذي أدى إلى اصابتها بالعمى والصمم ، أصبحت
هيلين كيلر شرسة و لا تقبل بأحد ودائما البكاء
والصراخ بسبب أنها فقدت أهم حواس
 لها للتفاعل والتواصل مع العالم الخارجي .

اكتشفت العائلة أن ابنة طباغ العائلة ( مارثا واشنطن )
البالغة من العمر 6 سنوات تستطيع
 أن تفهم ما تريد هيلين وما تشعر به ،
وبهذا استطاعت مارثا أن تعلم هيلين 60
اشارة أساسية لتعبر بها عن احتياجاتها .

في عام 1886 ألهمت كايت آدمز ( والدة هيلين )
 بقصة فتاة تدعى ( لورا بردجمام ) والتي كانت
 صماء وعمياء أيضا وبالرغم من هذا
 استطاعت أن تحصل على شهادة باللغة الإنجليزية ،
 وهذه الفتاة كانت تحت إشراف وتدريس الطبيب ( Dr. J . Julian )
فتوجهت كايت إليه ومعها هيلين في مدينة بالتمور لمقابلته
 وطلب مساعدته ، فنصحها بالذهاب إلى البروفيسور
 المشهور (جراهام بيل) والذي كان يعمل في مجال
تعليم الأطفال المصابين بالصمم ، فأشار إليها
جراهام بأن تتوجه إلى معهد بركينس لفاقدي البصر
حيث تعلمت لورا بردجهام هنالك ، والذي كان في جنوب
 بوسطن ، وهنالك تم اختيار الأستاذة ( آن سولفيان ) من قبل
المعهد ، والتي كان عمرها 20 سنة ، وهنا بدأت الرحلة
 بين الأستاذة العبقرية وبين هيلين كيلر في تعلم كيفية التواصل مع العالم !

أخذت ( آن ) الإذن من والدي هيلين بالسكن
في بيت صغير خارج المدينة ، وذلك لتنفرد آن بهيلين
 وتستطيع أن تقوم بالتركيز على تعليم هيلين طريقة
 لتستطيع أن تفهم غيرها عن طريق اللمس فقط !

كانت القفزة الكبيرة ، والنقلة العظيمة في
محاولات ( آن سولفيان ) لتعليم هيلين ، كانت
عندما اكتشفت هيلين أن هنالك شخص يريد توصيل
 إليها معلومة ( آن ) حيث كانت ( آن ) تصب الماء
 البارد على يد هيلين وتكتب حروف وهمية في كف هيلين !
وبهذا تعلمت هيلين أن عندما نقصد (الماء) تكتب هذه الحروف ....
ومن ثم بدأت ( آن ) بتعليم هيلين الأشياء الأساسية ،
ومن بينها كانت لعبة هيلين الثمينة والتي كانت هدية من معلمتها.

بعد أن بدأت هيلين فهم الحياة من حولها وتعلمت
 كيف تعيش وكيف تتصرف ، أخبرتها ( آن ) بقصة
الفتاة النرويجية (راغنهيلد كاتا) والتي كانت أيضا
صماء وبكماء ولكنها تعلمت الكلام ، فهنا طلبت
هيلين من معلمتها أن تقوم بتعليمها الكلام ....
وهنا بدأت ( آن ) بتعليم هيلين الكلام بطريقة الـ Tadoma 
والتي كانت تعتمد على لمس شفاه الاخرين وحناجرهم
عند الحديث وطباعة الحرف على كفها.

بعد مدة وجيزة تعلمت هيلين طريقة برايل ،
واستطاعت القراءة من كتب مكتوبة بطريقة برايل ،
 واستطاعت هيلين من قراءة برايل باللغة الإنجليزية
والألمانية واللاتينية والفرنسية واليونانية !

وبعد مرحلة ، عادت هيلين لتعلم الكلام ،
وذلك لأنها في المرة الأولى كانت تتكلم بصوت
غير واضح ولغة غير مفهومة ، فاستعانت ( آن )
بالمعلمة القديرة (سارة فولر ) والتي كانت تعمل
 رئيسة لمعهد (هوارس مان) للصم في بوسطن
 وبدأت المعلمة الجديدة مهمة تعليمها الكلام،
بوضعها يديها على فمها أثناء حديثها لتحس بدقة
 طريقة تأليف الكلمات باللسان والشفتين.
وانقضت فترة طويلة قبل أن يصبح باستطاعة
 أحد أن يفهم الأصوات التي كانت هيلين تصدرها.

لم يكن الصوت مفهوماً للجميع في البداية،
فبدأت هيلين صراعها من أجل تحسين النطق واللفظ،
وأخذت تجهد نفسها بإعادة الكلمات والجمل طوال
ساعات مستخدمة أصابعها لالتقاط اهتزازات
 حنجرة المدرسة وحركة لسانها وشفتيها وتعابير 
وجهها أثناء الحديث.
وتحسن لفظها وازداد وضوحاً عاماً بعد عام في
ما يعد من أعظم الانجازات الفردية في تاريخ تريبة وتأهيل المعوقين.
ولقد أتقنت هيلين الكتابة وكان خطها جميلاً مرتباً.



0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets